
في وسط الجزيرة العربية كثيرا ما تتقاطع الوقائع مع الأساطير، وهنا تبرز اليمن كأحد أقدم الحضارات التي كونت ملامح الهوية العربية، ولم تكن اليمن مجرد موقع جغرافي بل معقلا للغة العربية ومهداً لأنساب العرب, ومسرحاً لتكوين ممالك عظيمة تركت بصماتها على ملامح التاريخ العربي والاسلامي.
حسب علم الانساب التقليدي، قسم العلماء أنساب العرب الى ثلاثة أقسام رئيسية:
العرب البائدة: وهي القبائل العربية القديمة، التي كانت تتحدث باللغة العربية القديمة، وليس العربية الفُصحى، ولا يوجد في الوقت الحاضر أي إنسان يرجع نَسبه إلى هذه القبائل، ومن بين هذه القبائل عاد، وثمود، وطسم، وجديس، وعمليق، وجُرهُم، وبنو عبد ضخم وغيرهم.
العرب العارِبة: وهي القبائل العربية التي تنتسب إلى قحطان بن عامر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن النبي نوح عليه السلام، وقد أنجب قحطان هذا عددا من الأبناء، مِنهم يَعْرب، وهو اول من نطق بالعربية، وأنجب يَعْرب ابنه يشجب، الذي أنجب سبأ، ولِسبأ هذا خمسة أبناء، ينتسب إليهم جميع قبائل اليمن وهُم: حِمْيَر، وكهلان، وعمرو، وأشعر، وعاملة. ويُطلِق عُلماء الأنساب على العرب العاربة مُسمى القحطانيون، نِسبة إلى قحطان بن عامر المذكور أعلاه.
العرب المُستعرِبة: وهي القبائل العربية التي يرجع نَسَبُها إلى النبي إسماعيل بن إبراهيم عليهما الصلاة والسلام، ومن نَسل النبي اسماعيل رجل يُدعى عدنان، وبه يُسمى عُموم العرب المُستعرِبة، فيُقال العدنانيون. وبالرغم من وجود خِلاف حول نَسَب عدنان بالتفصيل، إلاّ أن جميع عُلماء الأنساب اتفقوا أنه من نَسل النبي اسماعيل عليه السلام، وإليه يُنسب العرب المُستعرِبة وبه يتم تسميتهم.
ومن هنا فاليمن ليست مجرد جزء من الخارطة العربية، بل هي أحد أهم أصولها التاريخية والثقافية ومهد الحضارة العربية ومعقل قبائل العرب العريقة. وليس هذا وحسب بل هي أصل اللغة العربية السامية. وهذا ما جعل اليمن البوابة الرئيسية التي يمر من خلالها فهم الحضارة العربية وتاريخ المنطقة بشكل عام.