
مرة اخرى عادت جماعة الحوثي الانقلابية لتهدد بأشعال الجبهات في مختلف المحافظات داخل اليمن، في محاولة لأبتزاز المجتمع الدولي والجهات الحكومية اليمنية لتحقيق بعض المكاسب التي يمكن أن تستخدمها في المفاوضات المستقبلية. جماعة الحوثي لجأت كثيرا الى هذا الخيار من قبل، وخاصة كلما ضيق عليها الخناق وفضحت أنشطتها وممارساتها المعرقلة للسلام في اليمن كما أثبتت لنا الوقائع السياسية والميدانية. فكلما إقتربت الاطراف اليمنية من الوصول الى حل قد يكون شاملا ويرضي جميع اطياف الشعب، يبدأ تلويح الحوثيون بأشعال الجبهات واستمرار القتال لتغيير مسار العملية السياسية والابتعاد عن الحل السلمي.
القرارات التي تتخذها جماعة الحوثي لا تخلو من تدخلات النظام الايراني بها، فمن عرف ميليشيا الحوثي يعرف تماما بأنها جزء لا يتجزأ من ما يسمى بـ “محور المقاومة” الايراني، والذي يتكون من ميليشيات تدين بالولاء المطلق وتتلقى دعما لا متناهيا من الحرس الثوري الايراني لتنفيذ أجندة طهران الهادفة لابقاء المنطقة في دوامة من الصراعات والازمات الداخلية والخارجية بما يخدم مصلحة المشروع الايراني التوسعي، واعطاء نظرة على أن إيران دولة ذات ثقل استراتيجي مهم ولاعب مؤثر لا يمكن الاستغناء عن دوره المحوري في استتباب أمن المنطقة واستقرارها، بينما الحقيقة عكس ذلك وإيران هي من يشعل فتيل الصراعات هنا وهناك.
إذا عدنا بالزمن لعشر سنوات خلت، سنرى بأن جماعة الحوثي الموالية لإيران لم تحاول تهدئة الامور داخل اليمن إطلاقا، وأنها حاولت وما زالت تحاول جاهدة لابقاء الحروب مشتعلة في اليمن، وحال الشعب اليمني الذي يعاني البطالة والفقر والجوع والامراض وانعدام ابسط الخدمات يزداد سوأ يوما بعد يوم. بينما قامت ميلشيا الحوثي بتصعيد عملياتها العسكرية وفتحت جبهات جديدة على خطوط التماس في محافظتي لحج والضالع، وحركت بعض قواتها لتعزيز جبهاتها في محافظات تعز ومأرب.
الانشطة العدائية وإفتعال الحروب العبثية على مختلف الجبهات داخل اليمن، والهجمات على السفن التجارية وخطوط الملاحة الدولية التي تنفذها جماعة الحوثي في البحر الاحمر وباب المندب، تجر اليمن الى صراعات أقليمية المستفيد الوحيد منها هوالنظام الايراني، كما أنها تزيد الامور تعقيدا بالنسبة للشعب اليمني الذي عانى كثيرا بسبب الحروب طيلة عقد كامل من الزمن، إضافة الى زيادة الفجوة بين الاطراف اليمنية والابتعاد أكثر عن إيجاد الحل السلمي الذي من شأنه إنهاء الحرب بشكل كامل ودائم وإعادة اعمار البلاد والنهوض بمستقبلها.